دراسات إسلامية

 

 

 

 

تحريم الزواج بالمشركة والمشرك وتفضيل الأمة والعبد المؤمنين

(1/2)

 

 

 

بقلم : الدكتور حسن محمد باجودة

 

     لدين الإسلام وسائله المتعددة في حماية الذرية. ومن هذه الوسائل التحريم على التأبيد زواجَ المسلم بالمشركة وزواجَ المسلمة بالمشرك. قال تعالى(1): ﴿وَلاَ تَنْكِحُوْا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تَنْكِحُوْا الْمُشْرِكِيْنَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوُا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلـٰـئِكَ يَدْعُوْنَ إِلى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوْ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِه وَيُبَيِّنُ آيَاتِه لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُوْن﴾ وكما يبدو من أسباب النزول(2) ويفهم من الآية الكريمة أنَّ رب العزة ينهانا في محكم كتابه عن نكاح المشركات حتى يؤمن. ومع أن الآية الكريمة نزلت أساسًا في مشركات العرب فإن العبرة كما هو مفهوم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ فتحريمُ نكاح المؤمن بالمشركة والمؤمنة بالمشرك على التأبيد مفهوم من عموم لفظ الآية. وإنما يجوز النكاح حينما يترك المشرك أو المشركة الشركَ ويعتنقان الإسلام. وتُفضل الآيةُ الكريمة الأمةَ المؤمنةَ المملوكةَ الدميمةَ على الحرة المشركة الجميلة، كما تُفضل العبدَ المؤمنَ المملوكَ الدميمَ على الحر المشرك الجميل . إن الإسلام لا يبخس الجمال حقَّه. وفي الآية الكريمة الإيماء إلى قيمة الجمال في قوله تعالى : (وَلَوْ أعْجَبَتْكُمْ) ولكن ما قيمةُ جمالِ الظاهر أو جمال الخَلْق إلى جمال الباطن أو جمال الْخُلُقِ. إن جمال الظاهر أو جمال الْخَلْق، مع الشرك، في حكم المعدوم. وتُعَيِّن الآيةُ الكريمة علّةَ المنع: ﴿أُولـٰـئِكَ يَدْعُوْنَ إِلى النَّارِ﴾ إن خطورة زواج المشرك بالمسلمة لا تحتاج إلى تفكير. وبشأن زواج المسلم من المشركة فيه من الخطر ما فيه لانجذاب المشركة بطبعها إلى متعلقات الشرك ؛ فهي تدعو زوجَها بطريق مباشر أو غير مباشر إلى النار وبئس القرار، أما الذرية فإن الخطر المباشر عليهم من المشركة لا يخفى على من لديه أدنى مسكة وبقية من عقل .

     وهكذا يتبيّن بنص الآية الكريمة أن الإعجاب بالجمال لا وزن له مع الشرك وأن الجمال في هذه الحال تَفْضُلُ عليه الدمامةُ مع الإيمان ؛ لأن المؤمن والمؤمنة يُنَفِّذَانِ أمرَ الله تعالى بالدعوة إلى الجنة ؛ ولأن المُشْرِكَين يدعوان إلى النار والعياذ بالله .

     وكما حرّم الله تعالى نكاحَ المشركين حمايةً للذرية في المقام الأول من هذا الذنب الذي لا يغفره الله تعالى لمن مات مشركاً وضع ضوابط لمن اضطر فتزوج الأمةَ المؤمنةَ أو الكتابيةَ ، اليهوديةَ أو النصرانيةَ .

     وبشأن الزواج من الأمة، مع أنه لا يوجد الآن في ديار الإسلام أمة واحدة ولا عبد واحد ؛ لأن الإسلام شرع للعتق ولم يشرع للرق الذي كان وقت نزول القرآن الكريم قانونًا عالميًّا ؛ لذا لم يحرمه الإسلام على الفور كالربا والخمر؛ لأن الأعداءَ كانوا يسترقون أسرى المسلمين(3)، ونود أن ندون الآيةَ الكريمةَ التي اشتملت على ضوابط الزواج من الأمة. قال تعالى(4): ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ. وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيْمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَاْنكِحُوْهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوْفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْر مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نَصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوْا خَيْرُ لَّكُمْ وَاللهُ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ﴾.

     وتتضح ضوابط الزواج من الأمة من ذكر معنى الآية الكريمة. إن من لم يستطع منكم أيها المؤمنون طولاً وفضلاً ومالاً(5) أن ينكح المحصنات الحرائر العفائف(6) المؤمنات ؛ فإن ثمة أن تتزوجوا مما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات وإمائكم المسلمات ؛ والله تعالى أعلم بحقيقة إيمانكم فاكتفوا بالظاهر وكِلُوا السرائرَ إليه جلّ وعلا. والله تعالى جعل بعضكم من بعض فأبواكم جميعًا آدم وحواءُ عليهما السلام. فتزوجوهن(7) بإذن أهلهن وأربابهن(8) وأعطوهن مهورَهن(9) بالمعروف وطيبِ نفس منكم(10) محصنات عفيفات(11) غير مسافحات أي زوانٍ معلنات لا يمنعن أحدا أرادهن بالفاحشة(12) وغير زوانٍ متخذات أخدان . قال ابن عباس: يعني أخلاءَ(13) يزنون بهن سرًّا(14) قال ابن عباس: كان أهلُ الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلّون ما خَفِي يقولون: أما ما ظهر منه فو لؤم. وأما ما خفي فلا بأس بذلك(15) فإذا أُحْصِنَّ وتزوجن فصرن ممنوعات الفروج من الحرم بالأزواج(16) فإن أتين بفاحشة الزنا(17) فعليهن نصف ما على المحصنات الحرائر الأبكار إذا زَنَيْنَ(18) من العذاب والحد(19). ومذهب الجمهور أن الأمة إذا زَنَت فعليها خمسون جلدة سواء كانت مسلمة أو كافرة، مزوجة أو بكرًا(20). إن ذلك الإذن بزواج الأمة لمن خشي العنتَ منكم أيها المؤمنون وخاف الزنا(21) وأن تصبروا أيها المؤمنون عن نكاح الإماء(22) حتى يغنيكم الله تعــالى من فضله خير لكم ؛ لأنه إذا تزوّجها جاء أولادُه أرقّاءَ لسيدها(23). هذا إلى أن الأمة ستكون بين زوجها وبين سيدها. والله غفور لمن أذنب وتاب وعمل صالحًا رحيم حينما خفّف عنكم وأرشدكم إلى معالم دينكم.

     وإن من أهم الضوابط التي نود أن نقف عندها ماجاء في قوله تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْر مُسَافِحَاتٍ ولا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ والمُلاَحَظُ أن الجمع في القرآن الكريم بين النهي عن السفاح واتخاذ الأخدان جاء في موضعين اثنين فقط، في هذا الموضع من آية سورة النساء، وفي الآية الكريمة من سورة المائدة التي تجعل النهيَ عن السفاح واتخاذ الأخدان من بين ضوابط الإذن للمسلم بالزواج من الكتابية. قال تعالى(24) ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِيْنَ أُوتوا الْكِتَابَ مِنْ قبلكم إذا آتيتموهنَّ أُجُوْرَهُنَّ مُحْصِنِيْنَ غَيْر مُسَافِحِيْنَ وَلاَ مُتَّخِذِيْ أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيْمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُه وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ﴾.

     وإن من أهم الملاحظات على هذه الضوابط تكرارُ لفظ «المحصنات» في قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ إنَّ تكرار لفظ «المحصنات» رغم إمكان الاستغناء عنه ، وهو في الموضعين بمعنى العفيفات، دليلٌ على أهمية تحقق شرط العفة في الكتابية التي يريد المسلم أن يتزوّجها، ومن أكبر الأدلة على ذلك أن الحديث عن المؤمنات إذا كان قد اكتفى بصفة الإحصان ، فإن الحديث عن الكتابيات طويلٌ ؛ فعلى المؤمن الذي يريد أن يتزوّج الكتابيةَ أن يعطيها مهرَها، وأن يكون مُحْصِنًا أي عفيفاً(25) وألا يزني بها سفاحًا علانيةً وجهرًا، وألا يخادنها ويفجر بها خفاءً وسرًّا(26). إن النهي في القرآن الكريم في حيز واحد عن الزنا سفاحًا والزنا خفاءً جاء ملابسًا للإذن بزواج المسلم الأمةَ مرةً والكتابيةَ أخرى . فعلى المسلم أن يعيَ ذلك جيّدًا .

(ب) الغايةُ من الزواج الذريةَ

     من الأدلة على حماية الإسلام للذرية والتشجيع على النسل وأن الهدف من الزواج الإنجاب أمر الأزواج في القرآن الكريم أن يأتوا زوجاتِهم بعد طهرهن من الحيض من حيث أمرهم الله تعالى. قال تعالى(27): ﴿وَيَسْأَلُوْنَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيْضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِيْنَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِيْنَ﴾ فأتوهن من حيث أمركم الله: أي فجامعوهن وهو أمر إباحة. وكنى بالإتيان عن الوطء(28) وحيث: ظرفُ مكان. فالمعنى من الجهة التي أمر الله تعالى وهو القبل ؛ لأنه هو المنهي عنه في حال الحيض. قاله ابن عباس والربيع(29) ويؤيد هذا المعنى ويؤكده الأمر بأن يقدم من أراد أن يأتي أهلَه لنفسه . وذلك في الآية الكريمة التالية. قال تعالى(30): ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوْا حَرْثــَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوْهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِيْنَ﴾ «يعني تعالى ذكره بذلك: نساؤكم مزدرعُ أولادِكم فأتوا مزدرعَكم كيف شئتم.. وإنما عنى بالحرث وهو الزرع المحترث المزدرع، ولكنهن لما كنّ من أسباب الحرث جُعِلْن حرثاً إذ كان مفهوماً معنى الكلام» (31) ففرجُ المرأة كالأرض، والنطفةُ كالبذر، والولدُ كالنبات، فالحرثُ بمعنىالمحترث، ووحّد الحرث ؛ لأنه مصدرٌ كما يقال: رجل صوم وقوم صوم(32) وقدموا لأنفسكم: الخيرَ والصالحَ من الأعمال(33) فحذف المفعول به، وقد صرّح به في قوله تعالى: ﴿وَمَاتُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوْهُ عِنْدَ اللهِ﴾(34) قال ابنُ عباس وعطاءٌ: أي قدموا ذكر الله عند الجماع(35). عن ابن عباس قال: قال النبي : أما لو أن أحدكم يقول حين يأتي أهلَه: بسم الله، اللهم جَنِّبْنِي الشيطانَ وجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَارَزَقْتَنَا، ثم قدر لهما في ذلك أو قضي ولد لم يضرّه شيطانٌ أبدًا(36) وقال تعالى(37): ﴿أُحِلَّ لكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُوْنَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوْا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ، ثـُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إَلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوْهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُوْنَ فِيْ الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُوْدُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِه لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُوْنَ﴾ ومعنى «فَالآنَ بَاشِرُوْهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ» ففي ليلة الصيام جامعوهن إن شئتم واطلبوا ما قسم الله لكم من الولد بالمباشرة ، أي لا تباشروا لقضاء الشهوة وحدها ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاحَ من التناسل» (38).

     ومن الأدلة على عناية الإسلام بالذرية وكون الهدف الأهم هو الإنجاب هذه الآية الكريمة من سورة النساء(39). قال تعالى: ﴿يـٰـأَيُّها الَّذِيْنَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثــُوا النِّسَاءَ كُرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا أتَيْتُمُوْهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيْنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوْهُنَّ بِالْمَعْرُوْفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوْهُنَّ فَعَسىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيْهِ خَيْرًا كَثِيْرًا﴾.

     عن ابن عباس: كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي زوجها فجاء رجل فألقى عليها ثوبًا كان أحق بها ، فنزلت(40) فالآيةُ الكريمة تقضى على إحدى عادات الجاهلية وتنهى الرجال أن يعضلوا الزوجاتِ ويضارّوهن في العشرة لتترك صداقَها أو بعضَه أو حقًّا من حقّها أو شيئًا من ذلك على وجه القهر لها والإضرار(41) إلا أن يأتين بفاحشة مبينة كالزنا والعصيان والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك(42) فإن كرهتموهن لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نشوز، فهذا يندب فيه إلى الاحتمال، فعسى أن يئول الأمر إلى أن يرزق الله منها أولادًا صالحين(43).

(ج) العناية بالجنين

     ومما له علاقة بعناية الإسلام بالذرية عنايتُه بالجنين وهو في رحم والدته. إن عدّةَ الحامل المتوفى عنها زوجَها والمطلقةِ أن تضع حملها قال تعالى(44): ﴿وَاللائِيْ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيْضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثـَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِيْ لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ اَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَه مِنْ أَمْرِه يُسْرًا﴾ لأولات الأحمال المطلقات والمتوفى عنهن النفقة حتى يضعن حملهن(45) فالنفقة رُوْعِيَ فيها الجنينُ في المقام الأول، وللوالدة أجرُها على إرضاعها ولدَها ممن طلقها. فان تعاسر الأب والأم وتضايقا في الأوضاع بأن امتنع الأب مثلاً من الأجرة والأم من الإرضاع فسترضع للأب بإذن الله تعالى امرأةٌ أخرى ، فقد تكفل الله سبحانه وتعالى برزق كل مخلوق، ولا تُكْرَهُ الأم على إرضاع الطفل. وفي هذه المعاني جاء قول الحق جل وعلا في سورة الطلاق(46) : ﴿أَسْكِنُوْهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوْهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلّ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَأْتُوهُنَّ أُجُوْرَهُنَّ وائْتَمِرُوْا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوْفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَه أُخْرَىٰ لِيَنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِه وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُه فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾.

*  *  *

الهوامش :

(1)          سورة البقرة ،221.

(2)          أنظر هنا تفسير الطبري 2/223 وتفسير ابن كثير 1/258 وتفسير القرطبي 875-877 والبحر المحيط 2/163 والكشاف 1/273 وأسباب النزول 104 .

(3)       درسنا مسألة الرق تحت عنوان: معاملة الإسلام للأسرى في: تأملات في سورة محمد 57-102 الطبعة الثانية ، وفي رسالة المسجد العدد الرابع ، السنة الرابعة ، ربيع الأول 1401هـ يناير 1981م.

(4)          سورة النساء 25.

(5)          تفسير الطبري 5/10 وانظر مفردات الراغب الأصفهاني: طول 312.

(6)          تفسير ابن كثير 1/475.

(7)          تفسير الطبري 5/13.

(8)          المرجع السابق 5/13.

(9)          المرجع السابق 5/13.

(10)       تفسير ابن كثير 1/475.

(11)       تفسير الطبري 5/13.

(12)       تفسير ابن كثير 1/475 وتفسير الطبري 5/14.

(13)       المرجع السابق 1/475.

(14)       الجلالين.

(15)       تفسير الطبري 5/14.

(16)       تفسير الطبري 5/14 وتفسير ابن كثير 1/476.

(17)       تفسير الطبري 5/16.

(18)       الجلالين.

(19)       المرجع السابق.

(20)       تفسير ابن كثير 1/476.

(21)       تفسير الطبري 5/17.

(22)       المرجع السابق 5/7.

(23)       تفسير ابن كثير 1/478.

(24)       سورة المائدة 5.

(25)       تفسير ابن كثير 2/21.

(26)       درسنا الآية الكريمة في تأملات في سورة المائدة 77-84 من مطبوعات نادي مكة المكرمة الثقافي الأدبي .

(27)       سورة البقرة 222.

(28)       تفسير القرطبي 898. طبعة الشعب القاهرة.

(29)       البحر المحيط 2/169.

(30)       سورة البقرة 223.

(31)       تفسير الطبري 2/231.

(32)       المرجع السابق 901.

(33)       المرجع السابق 2/237.

(34)       تفسير القرطبي 904 . طبعة الشعب القاهرة .

(35)       المصدر السابق 904.

(36)       فتح الباري 9/228 رقم 5165 وصحيح مسلم 10/5.

(37)       سورة البقرة 187.

(38)       الكشاف 1/257 والبحر المحيط 2/50.

(39)       الآية 19.

(40)       تفسير ابن كثير 1/465.

(41)       المرجع السابق 1/465.

(42)       المرجع السابق 1/465.

(43)       تفسير ابن كثير 1/466.

(44)       سورة الطلاق 4.

(45)       أنظر مثلاً فتح الباري 9/474، والجلالين ، وفقه السنة 2/287 نفقة المعتدة وتفسير القرطبي 911. طبعة الشعب القاهرة.

(46)      الآية 6 ، 7.

 

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالقعدة 1426هـ = ديسمبر 2005م ، العـدد : 11 ، السنـة : 29.